الاثنين، 9 يوليو 2012

ترجمة العلامة عبد الله بن عبد القادر الأنباري


هو شيخنا العلامة الفقيه المسند عبد الله بن عبد القادر بن الحسين الأنباري الشافعي ولد سنة 1343هـ في مدينة زبيد وبها ترعرع ونشأ وطلب العلم عند علمائها آنذاك وكان رحمه الله مجتهدا في الطلب دؤوبا لا يكل ولا يمل فلقد أخبرت عن بعضهم أنه كان ملازما لغرفة في رباط الإدريسي يقرأ فيها كتبا ويراجع فيها دروسه ومن الكتب التي يكرر قراءتها كتاب مغني المحتاج شرح المنهاج للخطيب الشربيني  وهذا الأثر لمسته منه أثناء دراستي عليه للمنهاج فكان رحمه الله يحيلنا كثيرا على المغني ومن عجيب ما سمعته منه قبل وفاته بثمان سنوات أنه لم يدخل مدينة الحديدة عاصمة المحافظة إلا مرتين في حياته وهذا يدل على شدة ملازمته لمدينة العلماء وعلمائها.
طلب العلم عند والده مفتي المذهبين ( الحنفي والشافعي ) السيد العلامة عبد القادر بن الحسين الأنباري الذي يروي عنه شيخ شيوخنا العلامة الفاداني كما في ثبته بلوغ الأماني وعند أخيه العلامة عبد الرحمن والعلامة أحمد داود البطاح وكان إذا حضر حلقة الشيخ البطاح بعد يدنيه ويجلسه إلى جانبه إجلالا وإكراما له ، ومفتي زبيد العلامة محمد سليمان الأهدل، والفقيه الأديب عبد الله بن زيد المعزبي وكان شيخنا يحفظ الكثير من قصائد شيخه الطوال فكان يتحفنا بها في درس الفقه، والعلامة محمد أحمد السالمي والعلامة الأصولي محمد الصديق البطاح الذي كان يجلس عنده مع العلامة محمد بن عبد الجليل الغزي، وتكون جلسة مذاكرة يستعرض فيها الشيخ البطاح كثيراً من المسائل الأصولية الشائكة ويرد على الاستشكالات التي يعرضها تلميذه الغزى وغيرهم من علماء زبيد.
تولى إمام مسجد الأشاعر الذي بناه الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه بعد أخيه العلامة عبد الرحمن وكان تقام في المسجد عدة دروس في الحديث والسيرة وغيرها حيث كان شيخنا يدرس صحيح البخاري ما بين مغرب وعشاء كما كان يقيم قراءة صحيح البخاري كل سنة في شهري رجب وشعبان وهي عادة متبعة في مدينة زبيد وقد كان قبله يقيمها والده وأخوه وبعد الانتهاء يجيز لمن قرأ في البخاري أو سمع إجازة متصلة إلى صاحب الصحيح بسند آل الأنباري.
ومن تواضعه رحمه الله أنه لم يكن يدرس في حياة أشياخه ويقول: كيف أدرس وهم أحياء!!! فلما توفوا عقد دروسه في الفقه والأصول والحديث حيث يدرس بعد العصر في مسجد الأشاعر في المنهاج للنووي وشرح ابن قاسم على أبي شجاع ومتن التحرير للشيخ زكريا الأنصاري وغيرها من الكتب ثم نقل الدروس إلى مسجد الشعرة بجانب بيته رحمه الله ومن تواضعه أنه كان يحيل عند طلب الطالب الجديد الدرس منه على بقية العلماء والأشياخ وهو أعلمهم وأسنهم وقد وقع لي ذلك فأحالني على أحدهم وقال هو شيخي وأنا أدرس عنده.
كان في غاية التواضع فلا يتجرأ على إصدار الفتاوى والأحكام، ولو جاءه من يستفتيه فإنه يحيله إلى غيره.
عهدت إليه من قبل والده شعرة النبي صلى الله عليه وسلم أهداها إلى والده أحد ملوك بني عثمان من الإستنبول كان يخرجها في ليلة المولد يتبرك بها الناس.
يتقوت مما تجود به مزرعته لم يجر وراء عطايا الحكام بل كان ورعا نزيها يقول الحق ولو كان المخالف الحاكم فمن ذلك أنه أفتى في الكوائن بما يخالف قول الإمام في صنعاء فأمر الإمام عامله على زبيد بأن يسجنهم فسجنه هو ومجموعة من فطاحل العلماء.
يحوي بيته على مكتبة ضخمة بالمخطوطات النادرة.
أصيب في آخر حياته بمرض في عينيه فانقطع عن التدريس ولازم البيت إلى أن توفي رحمه الله في ليلة الجمعة 12/12/1431هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق